لا تضعـوا حدوداََ من عـندكم لله


من قرأ الكتب والانبياء بقلب وعقل منفتح يفهم فوراََ " بإنَّ المسيح سيتجسد ثم يعمل المعجزات واخيرا يموت على الصليب ليقوم حياََ ممجداََ بعد ثلاثة أيام" . ولكن الناس يقرأؤن ولا يفهمون يسمعون ولا يدركون معنى الكلام الذي سمعوه, لا لسبب إلا لأنهم يضعون حدوداََ من عندهم على الكلام بحسب تقديرهم للممكن وغير الممكن , للمعقول وغير المعقول , وبهذا تغلق عـقولهم ويتحدد فهمهم , لذا عـندما قراؤا عن المسيح وعـلموا إن الله  سيتجسد ويكون هو عـمانوئيل الذي سيعـيش  بيننا  وضعوا في اذهانهم " ما دام هو الله فلن يقهر"  ولذا فهو يأتي ليتنقذ اليهود وبه ومعه سيحكمون العالم , لذا جعـل هذا التحديد عـقولهم لا تفهم خطة الله لفداء البشر وإن الله ما جاء إلا ليموت عن البشر وينقذهم من الموت الابدي وعـبودية إبليس بالموت على الصليب.

واليوم يصنع البشر نفس الذي عمله اليهود وتلاميذ المسيح , فهم يرون الله والمسيح بمنظار وضعـوا حدوده هم من داخل عـقولهم " فراحوا يحددون الخالق بالزمان وهو الازلي الذي لا يحده ولا ينطبق عليه الزمن , راحوا يعـيدونه إلى معمودية يوحنا ومعمودية الماء وهو قد جاء ليعمد الناس بالماء والروح القدس, يستنكرون أن يكون المسيح قد شرب خمراََ ويبدلونها بعصير العـنب , راحوا يقولون إن المسيح لم يتالم على الصليب لانه الله , ونسوا إنه أخذ جسداََ بشرياََ مثلنا من دون ايةِ إمتيازات, نفس ما عـندنا نحن من دون أية  زيادة او نقصان. راحوا ينكرون ان تكون العـذراء أُما له إلا بالجسد وكأن روح يسوع وجسده منفصلان فلم تقبل عـقولهم أن تكون واحدة من البشر أُماََ لله , فكيف يكون هذا وهو الله وهي المخلوقة الضعـيفة , ونسوا إن الله اصبح بشراََ من دون إمتيازات ما دام هو انسان على الارض , لذا سماه الانجيل " بإبـن الانسان " ومع ذلك حدود عـقولهم ترفض تواضع التجسد " فكيف يصبح الله بجبروته وقوتهِ إنساناََ متواضعاََ مثلهم , فأين تذهب قوته وجبروته؟  ونسوا إن هذا هو أحد شروط الفداء , فالله المتعالي الجبار لا يمكنه فداء أحد , لكن يمكنه العـفو والصفح , وعـدالته لم تسمح له بذلك , فأخذ القصاص على نفسهِ فتنازل ليصير بشراََ سوياََ بكل ما بكلمة سوي من معـنى, كامل البشرية من دون رتوش ولا إمتيازات ليفدي البشر لأنه لم يخلقهم للعـبث ولا للتسلية ولا ليعـبدوه كما يعـتقد البعض , ولكن ليكونوا جزاََ لا يتجزء منه ويكونوا واحداََ في الله ذاتـه من دون رتوش ولا حدود يقبلها العـقل البشري أو يرفضها, فالله هكذا أحب البشر ولهذا خلقهم , وهم كما فعـل إبليس لا يريدون أن يفهمـوا وراحوا يستكثِـرون هذا عـلى ذواتهـم , فكيف يكون هذا وهم بهذا الضعف الآن, ونسوا إن الله كشرطِِ أول لخلقه لهم جـعـلهم على صورتهِ , وحتى هذهِ لم يفهموها, فكيف وبأي صورة راحت عـقولهم تبحث , فالله روح أزلي , فراحوا يضعـون شروطاََ لكلمة على صورتهِ , وهي لا تقبل التأويل ولا التبديل أو الرتوش البشرية العـقلانية أو الغـير عـقلانية, وكيف سيفـهمون وهم لا يـعـلمون هـيئـة الروح وتكوينهـا , فراحوا يضـعـون الحدود العـقلانية وتاهـوا في الكلام , وهو لا يقبل التأويل وهو صريح جـداََ , فراحوا يضـعـون حدوداََ يـقـبلوها لكلام الله.

لم يعـرف التلميذان اللذان ظهر المسيح لهم اولاََ بعـد الموت والقيامة مباشرةََ إن الذي يكلمهم هو المسيح ذاته إلا بعـد كسرالخـبز فهو لم يظهر لهم ذاته بالهيئة التي تعـودوا عـليها, ولكن عـنـدما كسر الخبز عـلما إنَّهُ المسيح فلاموا انفسهم عـلى عـدم فهمهم , أرجوا أن لا نلوم انفسنا لعـدم فهمنـا لفداء المسيح وتجسده بعـد فوات الاوآن.

ولينيـر المسيح عـقـولكم وقلوبكم , ويعـم سـلامه عـليكـم.


واليكن سلام المسيح فيكم وعليكم أجمعيـن , أميـن.

22 / 04 / 2006 



"إرجع إلى ألبـدايـة"